04‏/01‏/2013

عودة

(( عودة )) قصة قصيرة 




وقفت أسفل الدرج ., تجر خطاها الثقيلة وكأنها كبرت عشرات السنين فجأة , عكس قلبها الذي كان يركض يسبقها كحصان جامح
كانت تشعر بالرهبة ., باللهفة ., بالخوف ., تتزاحم بداخلها التساؤلات ., ., مخيلتها تقفز لاحتمالات مختلفة .,نفضت رأسها بقوة وكأنها تنفي كل تلك الأفكار التي تتزاحم بداخلها على حين غرة ., وأكملت الصعود مصممة على إنهاء ماعزمت القيام به ِ 
فلم تكن تتوقع أن يفتح لها الباب بنفسه ., ولا أن يستقبلها بابتسامة ودودة ٍ . فقد كان أخر لقاء ٍ بينهما عاصف ., أنتهى بفراق , لم يكن الأول لكنه ٌ كان الأشد آلماً 
, جل ما كانت ما تتمناه .. أن تجده كما اعتادت متمددا
في عرينه ِ ., متدثرا بغطائه ., متوقعا عودتها ككل مرة ., كانت تكفيها تلك النظرة الثاقبة التي تسبر أغوارها ., لتعود كطفلة أضناها الحنين ُ لحضنّ ألفته ُ ., ., دنت من باب شقتها .,أخرجت المفتاح من حقيبتها بارتباك وهي تتنفس بعمق وما أن أدارت المفتاح في ثقب الباب ., 
حتى صدر منه ُ صريراً مزعجاً دليل على عدم استعماله منذ مدة .





شعرت بانقباض في قلبها ., ودلفت الشقة ., كانت معتمة ., باردة ., تفوح منها رائحة ُ ُ رطبة ., شعرت بالصقيع يدب في جسدها ., الرقيق وكأن قبضة ثلجية اعتصرت قلبها وأخذت ساقاها تصطكان بقوة ٍ ,’ لم تعد حتى قادرة على الوقوف ., استندت للحائط تتلمس بأصابعها مقبس الضوء ِلتضيء المكان ., وتشعر أن لاشيء بعد اليوم سينير عتمة قلبها ., تراءى لها كل شيء بوضوح .,أنية زهورها قد ذبلت , تلك الأريكة بالزاوية خالية كل شيء يكسوه الغبار .يدل على أنه ٌ هو الأخر لم ينتظر , لأول مرة شعرت بغربة في المكان الذي كانت تجدُ فيه ِ سكنها ., كان كل شيء كما تركته ُ ,, عداه ُ هو لم يكن هنا
لم تستطع أن تكتم كل تلك الشهقات التي اندفعت ., ولا ذاك البكاء الذي يشبه العويل ولا تلك الكلمات التي خرجت كالنحيب 
وهي تصرخ مختنقة ٍ (( أ تكون ُ الجمادات ُ أكثر وفاء ً من الأحياء .!))
كل شيء كما تركته لازال هنا ., وأهم شيء أرادته ليس هنا
التفتت والدموع تفيض من عينيها غير مدركة ., ولا مولية ٍ ., اندفعت بقوة نحو الباب ِ لم تعبأ بشيء كانت تريد الفرار من كل ذلك الالم الذي استفحل وفاض ., نزلت راكضة تكاد تتعثر وهي لا ترى أمامها سوى سحب غائمة.وسيول عينيها الجارفة لا تجعلها تبصر أمامها , لم تنتبه لذاك الصاعد أمامها حتى ارتطمت به ِ بقوة .حتى كادا أن يتدحرج َ معا من على السلم ِ , لكنه كان أكثر ثبات ,. واستطاع أن يُمسكها  , لم تكلف نفسها عناء الاعتذار أو النظر إليه ., وكأن كل شياطين الأرض تلاحقها ., لكنه لم يتركها , أحاطها بذراعيه ِ بقوة ليمنعها من السقوط ., رفعت وجهها فزعة.,لتجد مفاجأة من نوع أخر !!
صرخت بصوت مختنق : أهو ., أنت 
لم يكن أقل دهشة منها .ولا فزع لكنه ., كان كما تعرفه واثقاً يخفي انفعالاته جيدا ً . همس باسمها بصوت يظهر كل ما بداخله و رفعها بين يديه بخفة ٍ ليكمل بها صعود الدرج ِ ., فما كان منها ألا أن طوقت عنقه ِبذراعيها ., كانت كعصفور يرتعد ., بشدة فازدادت التصاقا به ., وأزداد توحدا معها ., فشعرت بالدفء والطمأنينة تسري بروحها 
حتى وصلا باب الشقة ., 
همست قرب أذنه ِ " ما الذي أتى بك
أجابها بحب فائض وبنظرة عميقة مغمغم : "أنت 
اخر كلمة قبل يدخلا ,’ وهو يغلق باب الشقة بقدمه ِ بهدوء


نسمة حلم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

حلق المتاهة

أنها المتاهة التي   تحد   سقف   التماهي والازدواجية   المفرطة   في   الترغيب   والترهيب   مزيجُ   صارم يضعك   في   مأزق   حقيقي .. كيف   واذ...